الاعتماد على النفس
عُرّف
الاعتماد على النفس من طرف المختصين والمهتمين بهذا الشأن، على أنه الاعتماد على القدرات
والامكانيات الذاتية للفرد لإنجاز أو لتلبية احتياج ما أو لإدارة شؤون حياته، بمعنى
آخر لتكون انسانا معتمدا على نفسك هي أن تكون مستقلاً عن الآخرين وغير معتمد عليهم
في قضاء جميع احتياجاتك الشخصية، وهذا قد يبدو غريبا نوعا ما فالإنسان كما قال بن
خلدون " الانسان اجتماعي بالطبع " ولابد أن يتكامل ويتواصل مع الآخرين
في مواجهة صعوبات الحياة حتى ينجح، فلا يستطيع الانسان بمفرده أن يلبي جميع
احتياجاته الأساسية والضرورية في الحياة، فلن يستطيع الانسان أن يكون هو الفلاح
والجزار والطبيب والمهندس في آن واحد وإنما نتكامل مع بعضنا البعض لنحقق ما خلقنا
من أجله وهو خلافة الله في الأرض وعمارتها، ولكن الاعتماد على النفس هو بمعنى أدق عدم
التواكل بمعنى آخر عدم الاتكال على الغير لقضاء أو لإنجاز أو لتلبية احتياج أو للتوصل
إلى حلول للمشكلات التي تعترض سبيلك بمفردك أو بأقل قدر ممكن من المساعدات،
والاعتماد على النفس يدل على شخصية قوية، شخصية معتز بنفسها، شخصية بناءة وحازمة.
وكما يقول المثل:
" لا تعطني كل يوم سمكة بل
علمني كيف
أصطاد السمك ".
خلقنا مختلفين، وسيظل الاختلاف قائم وموجود بين الناس إلى أن
يرث الله الأرض ومن عليها، ولكن هل الاعتماد على النفس دعوة للتفرقة بمعنى آخر هل
لتعتمد على نفسك يجب أن يعمل كل فرد على نفسه ولنفسه بمعنى آخر هل لا داعي للتعاون
فيما بيننا حتى نكون معتمدين على أنفسنا؟
هذا فهم بسيط وسطحي للاعتماد على النفس، لأن الاعتماد على النفس
هو سمو بالنفس وعلى العكس الاعتماد على الآخرين إنما هو انحطاط بالنفس لأن اليد
العليا أحب لله من اليد السفلى، ولعل قصة ذلك الشاب الذي قرر الخروج من القرية واستأذن
شيخه لأنه سيفارق حلق العلم والذكر ليعيل عائلته فأذن له ولكنه رضي أن يكون دوره
في هذه الحياة دور ذلك العصفور الأعمى الذي ينتظر من يعيله وليس أن يكون ذلك
العصفور القوي الي يجدّ في الأرض، والانسان عليه أن يجتهد في الحياة ويجتهد في
البحث عن الرزق، فالرزق مكتوب وموجود ولكن على الانسان البحث عنه فهو ليس هدية تقدم
ولكنه تكليف ولقد أمر الله تعالى السيدة مريم عليها السلام بأن تهز جذع النخلة وهي
في أضعف حالاتها عند المخاض مع قدرة القادر الأحد الفرد الصمد على اعالتها ولكن
لحكمة لا يعلمها إلا هو كان الأمر كذلك، فالله تعالى كتب الأرزاق وحث على طلبها
والجدّ في البحث عنها لذلك كان عليها أن تقوم بأقل جهد ممكن حتى تأكل، والاعتماد
على النفس لا يعني أن تقوم بكل الأعمال بنفسك، وكذلك لا يتعلق الأمر بالاستغناء عن
مساعدة الآخرين أو الوحدانية، بل على العكس من ذلك فهو أن تتكامل مع الآخرين
لمستقبل أفضل دون أن ننسى ما هو موكول بعهدته، بالإضافة أنه لا يتعلق الأمر بتحمل
المصاعب والمشاكل في الحياة بمفردك، بل جعل الله الرجل والمرأة في الحياة حتى يتعاونا
ويتكاملا ويتحدا أمام صعوبات الحياة لتذليلها والتغلب عليها بإذن الله.
وعلى الرغم من أهمية أن يكون الشخص في علاقة جيدة وطيبة مع أهله
وأصحابه وكل من حوله بصفة عامة ومتعاون معهم إلا أن الشعور بعدم القدرة على إنجاز
أي عمل إلا ويكون هنالك من يسنده أو من يقوم معه ببعضه فهذا ما يولد لدى ذلك الشخص
الاعتماد على الآخرين، وهذا أمر سلبي حتما، وإنما من الواجب عليه المحاولة وإذا
فشل التجأ إلى مساعدة الآخرين وليس أن يجعلهم يقومون له بأعماله، كما علينا أن
نتعلم كيفية الاعتماد على النفس بالشكل الصحيح وتنمية مفهوم هذا المصطلح الذي يغرس
في الانسان روح التحلي بالمسؤولية والشعور بالاستقلالية، وهو أمر جيّد وقد حثنا الإسلام
على الاعتماد على النفس وعدم الاتكال على الآخرين وحرض الإسلام الناس على العمل
والجدّ في كسب الرزق، وعدم التهاون أو التكاسل في ذلك.
ماهي فوائد الاعتماد على النفس؟
فوائد الاعتماد على النفس هي أحد المواضيع المهمة في علم النفس الإيجابي، وهذه بعض الفوائد:
1. تطوير الذات
والحصول على فهم أكبر للشخصية والطموحات.
2. الحد من التوتر
والقلق والاستعانة بالذات كمصدر للدعم العاطفي.
3. الحرية
والاستقلالية في اتخاذ القرارات والخيارات دون تأثر بالآخرين.
4. العثور على
الشغف والسعادة فيما يفعله الشخص وما يهتم به.
5. قيمة الذات
والثقة بالقدرات والإمكانيات.
6. تهيئة الأطفال
للحياة بعد الطفولة وتعليمهم المهارات الحياتية العملية.
7. توسيع الآفاق
والاستفادة من الفرص والتجارب الحياتية.
خلاصة:
الاعتماد على
النفس سمة أساسية في الشخصية الناجحة، وهو الاستعانة بالقدرات والامكانيات الذاتية
لتحقيق الأهداف الشخصية والسعادة في الحياة، فلا طعم للنجاح والانجاز دون الاعتماد
على النفس.
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا إذا أعجبك الموضوع..