القائمة الرئيسية

الصفحات

توفر مدونة تكنولوجيا المعلومات أحدث المعلومات المفيدة في عالم التكنولوجيا والصحة والتنمية البشرية ونشر الوعي في العالم العربي بشكل عام..

القراءة السريعة أهميتها، فوائدها..

 



القراءة السريعة أهميتها، فوائدها..

اهتمت جميع الحضارات التي تتالت وتعاقبت على عمارة الأرض منذ بداية ظهور الإنسان عليها دون استثناء، بالقراءة والكتابة، وقد اتخذت أشكال متنوعة في تحفيزّ الناس على اكتساب مهاراتها وإتقانها حيث حضي المتعلمون فيها بمكانة رفيعة وقد برعوا بالعديد من العلوم والمعارف وكأول حضارة عرفها البشر هي الحضارة البابلية والأشورية والتي يعود تاريخ وجودها على الأرض إلى ما يقرب من 4000 سنة قبل الميلاد ثم الاغريق من بعدهم فاليونانيين والمسلمين كلها حضارات أثثت لنا مشهدا من مشاهد التاريخ البشري المتعاقب على مسرح الحياة منذ الأزل.

أهمية القراءة السريعة

  الحياة ما هي إلا مجموعة من التجارب التي يخوضها الانسان فيجتهد أثناء أدائها مستعملا كافة قدراته الجسدية والعقلية حتى يحقق النجاح في كل تجربة منها ليتجاوزها غير مأسوف عنها ويدخل بذلك في تجربة جديدة بمعنويات مرتفعة وطاقة لا يحدها مكان، ففي مرحلة الطفولة مثلا يخوض الطفل تجربة المشي وتجربة النطق بمعنى تعلم الكلام والحديث وفي كل مرة ينجح يكتشف أشياء جديدة من وراء تلك التجارب التي خاضها ثم يمر لمرحلة أخرى من مراحل الحياة ويمكن تقسيم الحياة عموما إلى أربعة مراحل وهي مرحلة الطفولة ثم الشباب ثم الكهولة ثم الشيخوخة. ولكل مرحلة معينة تجاربها الخاصة ولا نأمل من وراء هذه التجارب غير النجاح، والتجربة التي سنخصها بالذكر هي تجربة الدراسة وما أطولها في عيون خائضيها ولكنها لحظة في مسيرة الزمن والتي يأمل كل طالب من ورائها التفوق فيها والتميز عن بقية أقرانه بملاحظات جيّدة، وتعتبر القراءة من أهم أدوات التعلم التي يمارسها الطالب بداية من تعلم الأحرف إلى الكلمات فالفقرات والنصوص وهكذا والقراءة هي التي تثري الزاد الفكري للإنسان وتزيد في تعليمه من خلال تجارب الآخرين وكما يقول عباس محمود العقاد "  لست أهوى القراءة لأكتب، ولا لأزداد عمرا في تقدير الحساب، إنما أهوى القراءة لأن لي في هذه الدنيا حياة واحدة، وحياة واحدة لا تكفيني ولا تحرك كل ما في ضميري من بواعث الحركة، القراءة وحدها هي التي تعطي الانسان الواحد أكثر من حياة واحدة ".

لقد كانت القراءة في وقت ما تعني الكثير بالنسبة للعبيد الأمريكيين الذين يأخذونهم من القارة السمراء أي من أصول افريقية إلى أمريكا ليعملوا كخدم في المنازل بالنسبة للنساء وأما الرجال فيعملون في الحقول والمزارع والأعمال المضنية والشاقة، حيث لم يكن يسمح لهم بالقراءة ولا حتى بمسك كتاب في حين يكون الأجر الطعام القليل والمأوى... لقد منعوا عنهم تعلم القراءة حتى لا يحلموا بالحرية لأن القراءة بالنسبة للأمريكيين في ذلك الوقت فتح الباب على مصراعيه في رحاب الحرية فكانوا يعاقبون كل عبد بكل قسوة يجدونه ممسكا بكتاب أو يسمعون عنه أنه اقتنى كتابا أو يحاول التعلم، لكن العبيد ناضلوا بكل ما تحمله الكلمة من معنى في سبيل الحصول على الحرية ونالوا ما كانوا يطمحون إليه ويحكى أن أحد الاطفال واسمه " توماس جونز " كان يدفع ستة سنتات في الأسبوع لأحد الأطفال الذين يعرفون القراءة كي يعلمه.

 جميعنا يعلم أن الاكثار من شيء ما يفسده فمثلا أن تكثر من الطعام يفسد المعدة وفي أغلب الأحيان يصاب الانسان بالتخمة والسمنة ثم تصلب الشرايين وقد تكون مقولة " الشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضدّه" صحيحة ماعدا في القراءة فالإكثار من المطالعة تزيد من ثقافة الفرد وترفع من قيمته بين أصدقائه لأنها تكسبه أسلوبا رائعا في تعامله مع الأخرين سواء كان أثناء حلقات النقاش أو الاقناع إلى جانب انها تجعله واثقا من نفسه تجاه ما يقوله أو يفعله، ولقد أثبتت الأبحاث أن الدماغ قادر على تخزين كم كبير جدّا من المعلومات حيث قدرها أحد العلماء هم بأن المخ لو تمت تغذيته بعشر معلومات جديدة في كل ثانية لمدة مائة سنة متواصلة ليلا نهارا بدون توقف لما شغلت هذه المعلومات نصف المساحة المخصصة للتخزين، وكلما زاد مقدار المعرفة التي ينهلها الانسان زادت ثقافته وزاد عقله وزادت ذاكرته فكلما نقرأ أكثر نرتقي أكثر وقد ثبت مؤخرا أن الدماغ هو عضلة كباقي عضلات الجسم كلما استعملناه ازداد قوة وإنتاجا وكلما أهملناه ازداد ضعفا واضمحلالا فالإنسان منحه الله عقلا لكي يستعمله لا ليتركه دون نشاط. 


 

يشتكي الكثير من الناس من أنهم يقضّون وقتا طويلا لقراءة بعض الصفحات من كتاب مهمّ أو بحث من البحوث لأصحاب الدكتوراه في مجال معيّن من مجالات الدراسة أو حتى ربما للمطالعة كهواية، وهذا يسبب الملل والإجهاد للقارئ الشيء الذي يجعله يبتعد عن القراءة أو يدفعه لتقليب الصفحات دون تركيز لأنه أصبح متعبا ولا يريد مواصلة القراءة ولكن ليس لديه متسع من الوقت لتأجيل ذلك، والحقيقة أن الجميع يرغب في القراءة ولكن المشكلة تكمن في كيفية القراءة من جهة والوقت المتاح للقراءة من جهة ثانية ولأهمية القراءة في حياة الانسان حيث إنها أساس من أسس الثقافة والتقدم العلمي والنجاح في الحياة بصفة عامة فقد ظهرت مهارات للقراءة تزيد من سرعة القراءة مع الحفاظ على فهم جيّد كما يمكن لأي فرد منّا اكتسابها ونخص هنّا بالذكر مهارة القراءة السريعة. 

كيف ومتى ظهرت القراءة السريعة؟

قبل ذلك علينا أن ندرك تمام الادراك أن قدراتنا الفكرية بمعنى سرعة تفكيرنا تفوق بكثير قدراتنا القرائية وقد قدر بعض العلماء أننا نستطيع أن نفكر بسرعة تفوق 50.000 كلمة في الدقيقة في حين أن سرعة القراءة لا تتجاوز 250 كلمة في الدقيقة وربما يكون هذا هو السبب الرئيسي والأساسي لابتعاد شريحة كبيرة من الناس عن القراءة والمطالعة لأنها أصبحت تصيب بالملل من جراء هذا الفارق بين سرعة العقل في التعامل مع المعلومات وما نقدمه له نحن منها خلال القراءة فمثلا الطلبة الناشئين لهم عقول مستعدة لالتهام الكتب التهاما كبيرا ومستعدة لامتصاص سيل كبير من المعلومات في حين اننا لا نعطيها إلا كميات صغيرة من الكلمات وهذا ما يسبب المللّ وأحيانا الشرود الذهني لأن الدماغ يتعامل مع الكميات الصغيرة المتوفرة بسرعة والوقت المتبقي يسرح في أشياء أخرى لا تشغله. فكان من الطبيعي البحث عن طريقة أخرى تسرع في عملية القراءة حتى لا يصاب الانسان بالمللّ والضجر عند قراءة الكتب الكبيرة أو الموسوعات العلمية والتي يستغرق فيها الفرد أسابيع. وكانت القراءة السريعة هي الحلّ فقد أصبحت توفر لنا الوقت والجهد، فقد أثبتت الأبحاث العلمية أن كل انسان قادر على القراءة أن يكتسب عادة القراءة السريعة ويحسن من مستوى قراءته ويزيد من سرعة القراءة دون أن يفقد شيئا من فهمه للمعاني التي يقوم بقراءتها، كما ثبت أيضا عدم صحة الاعتقاد الشائع بأن من يقرأ ببطء يفهم أكثر بل على العكس يتفوق سريع القراءة عليه بأنه يحصل على أفكار أكثر منه في وقت محدد.

لقد ظهرت القراءة السريعة مع بداية القرن 20 تقريبا حيث كانت معّظم الدورات التدريبية التي يتلقاها المتدرب بطريقة مبنية على البطاقات اللامعة أو التدريب على الومضات الخاطفة وأقصى سرعة كانت 400 كلمة في الدقيقة.

أما في عام 1960 فقد توصلت الباحثة والمهتمة بهذا الشأن إيفلين وود إلى طريقة الومضات وركزت على القراءة التصويرية وهي قدرة العين على تصوير مناطق أكبر من المعتاد وتجاوزوا حاجز 1000 كلمة في الدقيقة. أما النظرية الجديدة للقرن الواحد والعشرين فقد أكدت أن العقل هو من يقوم بالقراءة وليست العين لأنها مجرد ناقل للمعلومات أو الرموز وهناك تدريبات للعين لمزيد نقل كميات أكبر من المعلومات في وقت أقل وتدريبا للعقل بما أنه هو المسؤول الأول عن عملية القراءة.

ما هي القراءة السريعة؟

يوجد العديد من التعريفات للقراءة السريعة أثناء بحثي في الكتب والمراجع التي تتحدث عنها إلا أن أفضلها وأدقها هي القول بأنها مهارة يمكن لأي فرد قادر على القراءة اكتسابها بكل سهولة من خلال بعض الأساليب التي تزيد من سرعة قراءة الانسان لنص من النصوص مع إحراز الفهم الجيّد في نفس الوقت. ومن بين السمات المميزة لها هي فهم الكلمات دون التركيز أو التوقف على كل حرف أو كلمة، كذلك عدم القراءة بصوت سواء كان مرتفعا أو خافتا بمعنى دون تحريك الشفاه، وأيضا تجنّب إعادة ما قرأته إلى جانب تدريبات للعين حتى تستطيع أن تنقل أكثر من كلمة في كل وقفة تُقرأ بسرعة دون الوقوف على كل كلمة.

هنالك العديد من المراكز المتخصصة في تدريب الانسان على مهارة القراءة السريعة والتي تسهم في تطورها بمعدلات أسرع دون أن ننسى أن الهدف الأساسي من وراء عملية القراءة هي إدراك المعاني والفهم الجيّد للنص أو المادة المقروءة والاحتفاظ بها لأقصى مدة ممكنة في الذاكرة لاسترجاعها عند الحاجة والمؤكد أن القراءة السريعة ليست مجرد قراءة بسرعة، فالقارئ السريع من بين أهدافه المنشودة هي فهم جيّد لما يقرأه والاحتفاظ به داخل ذاكرته لأطول فترة ممكنة، فإذا تعلم الفرد كيف يطور قدراته على استيعاب المعلومات بشكل أسرع فسوف يتحسن فكريا وثقافيا وسلوكيا وينعكس على حياته فتصبح أجمل.

 التقدم التكنولوجي الكبير الذي نشهده اليوم يتزايد يوميا بل في كل ساعة وبنبض سريع كما نشهد أيضا تدفقا كبيرا للمعلومات، وليظل المرء على دراية ومعرفة بأحدث الأخبار والمعلومات على الصعيد المحلي أو العالمي يتحتم عليه الاطلاع على العديد من البيانات والدراسات والرسومات التي تقدم شرحا مفصلا لهذه المتغيرات، والقراءة السريعة هي التي تمكنك من أن تظل في حالة مستمرة وعلى دراية بشكل دائم لأنها توفر لك الوقت والجهد للاطلاع على أشياء جديدة باستمرار. في الماضي كان من السهل على الانسان أن يصبح موسوعيا وملما بكل شيء إلا أن في الوقت الحالي لم يعد ممكنا لأن كمية الكتب أصبحت كثيرة جدّا تفوق تصوراتنا، ففي الولايات المتحدة الأمريكية وحدها يصدر أكثر من 50000 كتاب وأكثر من 10000 مجلة سنويا وقد اعلنت مكتبة الكونغرس الأمريكية أنها تحتوي على أكثر من 10000000 كتاب وإنها ستعمل على تحويلها لكتب الكترونية حتى يسهل اقتناءها والاستفادة منها. وهذا ما يؤكد أن تدفق المعلومات في 50 سنة الماضية فاق بكثير كمية المعلومات التي عرفها البشر منذ بداية وجوده على الأرض.

فوائد القراءة السريعة

" القراءة هي غذاء العقل "

لقد خلف الانفجار المعرفي والثورة العلمية بصفة عامة كما هائلا من المعلومات والمعارف في جميع المجالات على الصعيد العالمي ضاقت الكتب وكل الأوعية التقليدية عن استيعابها وفاقت قدرتها على التخزين، حيث سمي هذا العصر بعصر السرعة في كل شيء حتى تدفق المعلومات أين أصبحت المعرفة أهم مصادر الثروة والنفوذ في العالم فالأقوى اليوم هو من يمتلك المعلومة، والتحدي الذي يواجه البلدان النامية اليوم في نظري ليس اقتصادي أو اجتماعي أو سياسي بل هو تحدي معرفي بامتياز فمن ينجح في هذا التحدي سيستطيع توليد أفكار جديدة والأفكار الجديدة هي التي ستخلق الثروة وبالثروة ستبني وتشيد وتتقدم. ولعل اليابان هي الدولة المثال التي أعطت أهمية للعلم والمعرفة حيث قال أحد مفكريها ذات مرة بأن الدول الغنية تمتلك ثروات باطنية تحت أرجلها تتناقص كلما أخذ منها أما نحن فنمتلك ثروات فوق أرجلنا تتزايد كلما أخذن منها، والإشارة واضحة تمام الوضوح نحو العقل وقدراته الخارقة في توليد الأفكار والتخطيط لها وطرق تنفيذها. 

كما أن القراءة والتعلم باستمرار يحققان لك:

         الثقة بالنفس.

         الارتقاء بالقدرات العقلية والمعرفية.

         التواصل بشكل أفصل وفعّال مع الآخرين.

         النجاعة في مواجهة المواقف والأزمات.

         التحلي بالمسؤولية عند اتخاذ القرارات.

         الكفاءة في الحياة.

         الثقافة والخيال الواسع.

         الحوار البناء مع الآخرين.

أتمنى أن تكون قد وجدت الافادة المرجوة أيها القارئ الكريم..

author-img
الأستاذ سامي رجايبي متحصل على الماجستير في تكنولوجيا التعليم الرقمي والإرشاد التعليمي من جامعة Hill Creast الأمريكية والأستاذية في الرياضيات من جامعة العلوم بنزرت ومتحصل على رخصة التدريب الدولي ..

تعليقات

التنقل السريع