القائمة الرئيسية

الصفحات

توفر مدونة تكنولوجيا المعلومات أحدث المعلومات المفيدة في عالم التكنولوجيا والصحة والتنمية البشرية ونشر الوعي في العالم العربي بشكل عام..

 

اصنع مستقبلك الذي تريد








غاية كل شخص في هذه الحياة هي أن يكون سعيدا ويتمتع بصحة جيّدة على الدوام، ويكون غنيا ومحبوبا ومشهورا وناجحا في كل ما يقوم به من أعمال. والوسيلة الوحيدة لتحقيق كل ذلك هي أن يعمل بجد ويجتهد ويصرّ على تحقيق ما يريده، بمعنى آخر لتصنع مستقبلك الذي تريده عليك أن تكون صاحب ارادة قوية وأن تكون عزيمتك صادقة تجاه ما ترغب فيه، وبإتباعك لخطى الناجحين والاقتداء بهم ستحصد نفس النتائج التى حصدوها، هذا إن لم يكن ما ستحصده أفضل بكثير، فلا تجعل الأخرين يحبطونك بآرائهم السلبية، ولا حتى بنظراتهم فالطريق أمامك ستكون طويلة والرحلة لا تكاد تكون أمنة من بعض الصعوبات والعراقيل، فكن واثقا في خطواتك التى تخطوها وعينك دائما على النهاية التي تريد الوصول إليها.

إن أحد أبرز المشكلات التي تواجه خريجي الجامعات اليوم، أنهم غالبا ما يُصدمون عندما يتبين لهم أنهم أمضوا ثلاثة سنوات أو أكثر في تعلم موضوعات واختيار مجالات وتخصصات لا أحد سواهم ينظر إليها باهتمام، أو يقوم بتقديرها حسب نظرهم، فليس هنالك صاحب مصنع أو صاحب شركة أو حتّى الدّولة نفسها ستدفع لهم مقابل تلك السّنوات التّي قضّوها في الجامعة، لأنّ المشغّل ببساطة سيدفع لهم مقابل انتاج، سيدفع لمن يقوم له بخدمات أفضل وإنتاج أكبر وربح أوفر، وليس لمن درس بنجاح وتفوق أو حسب معدلات النجاح، هذا ما يجعلهم مشوشي الأفكار ومُحبطين وتتبادر إلى أذهانهم الكثير من الأسئلة حول مصيرهم الوظيفي، فما هي الوظيفة التي تتناسب مع مؤهلاتهم العلمية ولذلك نجد أن أكثر من 80% بالمائة من خرّيجي الجامعات يجدون أنفسهم يعملون في مجال بعيدا كل البعد عن مجال تخصّصهم أو تعلمهم لأنّه عليهم في نهاية المطاف إيجاد شيء ما يقومون به لتستمر الحياة.

ستيف جوبز كان من بين الّذين حلموا بالثّراء وحياة الرفاهيّة بالرغم أنه كان يعيش حياة بائسة مع أمه، بعيدا عن أبيه الّذي انفصل عنهما مبكرا، ولم يكن يحتاج لأن يكون عبقريا حتى يحقق الثراء في حياته، بل احتاج لفكرة مميزة وغرفة يعمل فيها بجدّ. وكذلك بيل غيتس احتاج لفكرة مميزة عندما كان طالبا بالجامعة جعلته من أثرى أثرياء العالم. أنت أيضا لا تعرف عن المستقبل ماذا يخبئ لك ولا يمكنك التّنبُؤُ بما سيحدث لك فيه أيضا، فكل ما تستطيع فعله في هذه الأثناء هي أن تفكر بطريقة ابداعية لتحصل على فكرة، لكي تبدأ من خلالها طريقك نحو النجاح وقد كتب أحد العباقرة مرة " سأدرس وأعد نفسي وذات يوم ستأتي فرصتي"  فالتهيؤ لمستقبل واعد هي الرؤية السليمة للنجاح، فالأفكار هي مفتاح العبور نحو المستقبل الآمن، ولكن كن على يقين أن الأفكار لذاتها وفي حدّ ذاتها لا قيمة لها بل مقدرتك على تبنى فكرة ما والعمل بجد على تحقيقها هو ما يجعلها فكرة مهمّة وذات قيمة، فكم من شخص رأى تفاحة تسقط على الأرض؟ المؤكد أن إسحاق نيوتن لم يكن الوحيد من لاحظ أو رأى ذلك المشهد المتمثل في سقوط تفاحة على الأرض في زمانه طبعا، وربما هنالك من سخر منه لما عبر عن تساؤله واستغرابه عن سقوط الأشياء نحو الأرض وليس السقوط نحو الأعلى؟ لكن بتبنّيه لهذه الفكرة والعمل عليها بجد هو ما جعلها فكرة لها قيمة مهمة في حياتنا اليوم وهي الجاذبية.

 إنّ الأفكار العظيمة لا تأتي بالصدفة ومن يتأمّل في سير العظماء عبر التّاريخ سيجد أنهم يقضون الكثير من وقتهم في التفكير والتأمل، والكثير منهم تعلموا من كائنات صغيرة أو حيوانات، فمثلا الاسكندر الكبير كان يخلو بنفسه بعد كل معركة، في منطقة اعتاد البقاء فيها لوحده. وفي أحد خلواته جلبت انتباهه نملة كانت تحمل حبّة قمح أضعاف وزنها، وكان عليها أن تصعد بها مرتفعا صغيرا حتّى تصل بها إلى حيث تسكن، فكانت كلّ مرّة تفشل وتتراجع فيها إلى الوراء تصّر أكثر وأكثر على النجاح وتجاوز ذلك المرتفع، حتّى نجحت في الأخير وكان لها ما أرادت. تعلّم هذا البطل أن بفضل الاصرار والصّبر والمكابدة قد يصبح الانسان قادرا على تحقيق النجّاح في الحياة حتى وإن كان هذا النجاح يبدو مستحيلا.

كما تعلّم سيدنا سليمان عليه السلام من هدهد، فقد أحاط ذلك الحيوان الضعيف وعرف ما لا يعرفه النّبي سليمان في الحياة وأخبره عن قوم لا يزالون يعبدون النّار من دون الله، وقصته تحدّث عنها القرآن الكريم وفيها دعوة إلى التأمل وأن لا يغترّ الإنسان بما يعلمه لأن ما نعلمه لا يساوي شيئا أمام علم الله وكذلك نحن البشر درجات متفاوتة في العلم، لأن تفكيرنا يختلف من شخص إلى آخر وقدراتنا وإمكاناتنا كذلك ما لم نطورها.

 حالة اليأس التي نراها في عيون الشباب اليوم خاصة في البلدان العربيّة، هي الّتي تزيد في تعقيد الأمور والأوضاع بالرّغم من أنّ الجميع يعلم أن لا يأس من رحمة الله، وأن لا يأس مع الحياة، وأن الله خلقنا ليُسعدنا لا ليجعلنا تُعساء، وقد وهبنا عقلا يستطيع أن يفكر ويجد الحلول لجميع المشاكل التي تواجهنا في الحياة. ولكن الكثير منا لا يُحبّذ استخدامه ويفضل تركه دون تكليفه بما يستطيع القيام به بل ويلغي دوره في الحياة من تفكير وتأمل وغيرها من نشاطاته المعتادة لأنه وجد في راحة عقله راحة له، فلماذا لا نتعبه في ايجاد الحلول لمشاكلنا فهو قادر بعون الله وفضله إذا ما تمت تغذيته بمعطيات ومعلومات صحيحة ودقيقة أن يبهرنا في التفكير والابداع ولكن أصبح الكثير منّا يتعذر بأعذار واهية بل ويتفنن في خلق أعذار ليقنع بها نفسه أنها هي التي فشلت وليس هو، فالذي يتعذر بأعذار مادية مثلا كعدم توفر المال الكافي له ولعائلته عليه أن يعي أن 97 بالمائة من الأغنياء بدؤوا من الصفر ولكنهم أصروا على تحقيق ما يريدون في حياتهم، وكان لهم ما أرادوا، ولعل الكولونيل ساندرز الذي أصر على أن يصبح غنيا وهو في سنّ التقاعد من بين القصص التي تجعلنا لا نيأس في طلب النجاح مهما بلغنا من العمر، وأنه حقا لا يوجد مستحيل إلا الذي أقنعنا به أنفسنا أنه مستحيل بل وتلهمنا قصته أن التغيير ممكن مادمنا على قيد الحياة. ونشير إلى أن ساندرز لما تسلم أول راتب له من صندوق التقاعد وكان لا يتجاوز 100 دولار وهو مبلغ لا يكفيه ربما لبضع أيام فما كان منه إلا أن أخذ ذلك الشيك ومزقه وقال في نفسه أنه لا يمكنه أن يعيش بهذه الطريقة ولابد من حلّ ففكر في التغيير وكانت النتيجة أنه حقق ما أراده وأصبح مليونيرا وهو في سنّ السادسة والستين من العمر بعد محاولات فاشلة لم تثنه عن تحقيق حلمه.

لم يستسلم ساندرز وكذلك غيره من الذين حققوا النجاح الباهر في الحياة لأن النجاح لا يكون حليفا للذين يمتلكون نفوسا هشة، بل يكون حليفا لمن كانت هممهم عالية وإراداتهم قوية وعزيمتهم صادقة فلو تعلقت همة المرء بما وراء العرش لناله، هكذا يجب أن يكون شعارنا كمسلمين لأن الروح الانهزامية والاستسلام ليسوا من شيمنا، بل التفاؤل والعمل المتقن والأخلاق السامية هي من جعلت من أسلافنا في يوم من الأيام يقودون الأمم حتى أنه لما كانت سفنهم تجول البحار تخاف بعض الدول الأوروبية دق أجراس كنائسها مخافة أن تستفز مشاعر المسلمين فيحتلون أوطانهم. لقد كانت أمة مُهابة وما حققته من تقدم وتطور لم يكن بالصدفة ولا بالتكاسل بل كان بالعمل الجاد وبالعمل المتقن وبالعمل المتفاني. هكذا قدنا الأمم، لما رفعنا مكانة العلم والعمل وهكذا يمكننا أن نقود مرة أخرى إذا كانت رغبتنا جادة في ذلك.   

author-img
الأستاذ سامي رجايبي متحصل على الماجستير في تكنولوجيا التعليم الرقمي والإرشاد التعليمي من جامعة Hill Creast الأمريكية والأستاذية في الرياضيات من جامعة العلوم بنزرت ومتحصل على رخصة التدريب الدولي ..

تعليقات

التنقل السريع