ثق
في قدراتك..
الانسان
هو أعقل الكائنات الحية والوحيدة التي تتميز بالذكاء على الأرض، طبعا، ربما كانت
موجودة كائنات أخرى ذكية على كواكب في مجرات أخرى من الفضاء الشاسع الرحب، الشيء الذي
دفع بوكالة الفضاء الدولية "ناسا" لإطلاق العديد من المسابير في الفضاء
للبحث في فرضية وجودها وإمكانية التواصل معهم إن وجدوا.
لقد تطور الانسان كثيرا مقارنة بما كان عليه
حين كان يسكن الكهوف، في تحصيل قوة يومه وفي تنقلاته وترحاله وأيضا في معاملاته مع
الآخرين، صحيح أننا اليوم، لا نعرف إلا القليل عن الانسان البدائي بفضل ما تركه من
رسومات على جدران الكهوف عبّر فيها أو رسم فيها مشاهد من حياته اليومية، أما نحن،
فستعرف عنّا الأجيال القادمة كل شيء وبالتفصيل الممل لأن التكنولوجيا ستمكنهم من
النظر إلى صورنا بل إلى مسيرة حياتنا بأكملها وبأدق تفاصيلها.
كل
انسان يحمل رسالة في هذه الحياة، وإلا فما الفائدة من وجوده أو خلقه، وعلى كل فرد
منّا أن يتأمل ويتساءل لماذا خلقه الله، لماذا هو انسان؟ لماذا ولد في هذا الزمن
بالتحديد؟ لماذا ولد في هذه القرية وهذه البلاد وليس في غيرها؟ كلها أسئلة ستثبت
الإجابة عنها لك أنك الأقدر والأجدر في أن تكون أنت نفسك وليس غيرك، لقد وهبك الله
ما لم يهبه لغيرك حتى تكون أنت بما أنت عليه في ذلك المكان والزمان وكل ما عليك هو
أن تعرف نفسك.
لقد زودنا الله تعالى بقدرات وإمكانات كبيرة، قادرة على
فعل المستحيل، حيث يحمل كل انسان أكبر جهاز كمبيوتر فوق كتفيه، قادر على جعله سعيدا
في هذه الحياة أو العكس، وهذا العقل يعمل على تحقيق ما نغذي به من أفكار، فكلما
كانت أفكارنا ايجابية وبناءة كانت حياتنا كذلك، وكلما كانت أفكارنا سلبية
ومحبطة انعكس ذلك على حياتنا فكانت هذه الاخيرة مشابهة لما نُفكر فيه. لقد ظّل
هذا العقل لغزا غامضا ومحيرا لكبار العلماء والباحثين، فبالرغم من التطور الكبير
للعلوم إلا أن ما نعرفه عن أدمغتنا لازال قليلا أمام قدراته الرهيبة والتي
باستطاعتها أن تنال ما وراء العرش.
لقد خلقنا الله تعالى ليُسعدنا في هذه الدنيا وليس
ليُشقينا، حيث قال في محكم التنزيل " طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى
"، فهذا الانسان الذي كرمه الله تعالى في أربعة مواضع وهي خلقه بيديه ونفخ
فيه من روحه وأسجد له الملائكة الكرام وعلمه الأسماء كلها، لن يكون خلقه عبثا بل
لغاية عظيمة لا يعلمها بالتفصيل إلا الله، وبذلك فرسالته أيضا ستكون كبيرة في هذه
الحياة والمؤكد أنه قادر على تحملها وحملها وأدائها على أحسن وجه لأنه هُيئ لذلك
وهذه الأمانة التي تحملها الانسان عليه أن يؤديها على أحسن حال وعلى أفضل وجه.
يختلف الناس في سعيهم لتحقيق أحلامهم، فمنهم من
يرى نفسه قادرا على تحقيقه، فلا يستسلم، حتى وإن فشل مرة أو أكثر يتعلم من ذلك
الفشل ولا يزيده إلا اصرارا على تحقيق حلمه، وهؤلاء هم الذين يرسمون أهدافا واضحة
في الحياة وأيضا يؤمنون بأهمية التخطيط، فلا يتركون شيئا للصدفة، وآخرون حياتهم خاوية
بدون أهداف، بدون حلم، لا تجد في عقولهم غير اللهث وراء كسب قوتهم اليومية لتستمر
حياتهم وحسب، فتجد ردود أفعالهم تجاه الحياة سلبية فهم يتمنون على الدوام أن يحدث
لهم أمر طيب لأنهم ببساطة يعيشون حياتهم مثل الذي ينتظر مرور الحافلات في شارع لا
تمر منه الحافلات، كلها مجرد أماني بدون فعل، عبر شكسبير عن الحياة ذات يوم، بأنها
مسرح كبير كُل له فيها دور محدد يقوم به ولما ينتهي دوره ينزل من على خشبة المسرح
بمعنى آخر يغادر هذه الحياة، لكن الاختلاف من وجهة نظري تكمن في هذا الدور، فالدور الذي يقوم به الممثل على خشبة المسرح ليس له
كامل الحرية في اختياره، لأن المخرج هو من يقرر ذلك استنادا إلى بعض المعطيات
والمواصفات الجسدية والفكرية التي يتطلبها نجاح ذلك الدور، أما في الحياة فأنت من
تقرر دورك بكل حرية، فاحرص كل الحرص على أن يكون لك دور مميز في هذه الحياة.
فإما أن تتحكم في كل ما يحدث لك في هذه
الحياة، أو أن تسمح لكل ما يحدث لك فيها بكل بساطة أن يحدث لك، فإما أن تكون لديك
رؤية واضحة وتخطيط جيّد لحياتك أو أن تترك الأيام تتكفل بذلك، وعندها لا تكن من
الساخطين. الإنسان ميزه الله تعالى بنعمة العقل عن باقى المخلوقات حيث يحكى في
الأثر أن الله تعالى لما جمع كل الخلق عنده في الأزل، ليقسم بينهم نعمتي العقل
والرزق كل واحد منّهم لما أعطاه الله عقله أعجب به كثيرا وأحبه وشكر الله على هذه
النعمة، ولكن لما قسم عليهم الرزق كل واحد منّهم أُعجبه رزق الأخر، لذلك ترى
الانسان مهما كسب وحصّل من الرزق لا أحد يشبع أو يمل. هناك من يستعمل عقله فيجعله
عبدا مطيعا له يفكر كما يريده أن يفكر ويجد الحلول للمشاكل والصعاب ويضع الخطط
المناسبة لتجاوزها وتحقيق النجاح وآخرون وضعوا عقولهم في مرتبة السيد فأصبحوا هم
خدما له وأصبحوا بذلك يأتمرون بأمره وينتهوا بنواهيه.
لو لم تكن
التجربة في حياة الانسان لما استطاع هذا الأخير أن يتقدم أو يتطور أو أن يصل إلى
ما وصل إليه من انجازات عظيمة ومبهرة في كل حضارة من الحضارات التي أثثت لنا
مشاهدة رائعة على مسرح التاريخ، ومن يخاف الفشل لن يتقدم أبدا وسيظل في مكانه حبيس
أوهامه فأكبر الحواجز والعراقيل في حياة الانسان هي تلك التي يبنيها بنفسه، وأكبر
عوائق النجاح في الحياة هي من نتاج أفكارنا، بما أن البشر ينقسمون إلى نوعين
ايجابي وسلبي، فالأشخاص السلبيين هم الذين ينظرون إلى الجانب المظلم من
الحياة ولا يتوقعون سوى حدوث الأسوأ من الاحتمالات، فلا يحبذون التجارب الجديدة
ولا ركوب بعض المخاطر، أو حتى القليل من المجازفة لتغيير أحوالهم، بل يفضلون البقاء
على ما هم عليه خوفا من الأسوأ وما أدراهم أنه سيكون الأسوأ؟ هي فقط مجرد أفكار وبما أن الانسان هو انعكاس
لأفكاره المخزنة في عقله الباطن تبدأ هذه الأفكار السلبية في الانتشار داخل عقولنا
ولا تجعل منّا في الحياة إلا أشخاصا سلبيين وإذا تأملت في الحياة فكل الناس يريدون
السعادة وامتلاك ثروة، و أن يصبحوا أغنياء ولكن القليل منهم من حقق ذلك الحلم
والقليل منهم من كلف نفسه عناء كتابة الأهداف ووضع خطة، والقليل منهم من تحدى وأصّر
على تحقيق حلمه، والقليل منهم فقط من توقع حدوث تلك الأشياء الجميلة في حياته،
وكما يقول المثل الأمريكي " الكل يريد دخول الجنة لكن لا أحد يريد أن يموت
".
هل نتعلم من
الفشل؟
بالطّبع نتعلّم من الفشل، فلولا الفشل لما استطاع الانسان التحليق على علوّ
آلاف الأميال، فتجربة الأخوين رايت الغنية عن كل سرد ووصف، عندما جالت فكرة
الطيران عند ويلبر رايت و أورفيل رايت سنة
1896 م، مع العلم أنهما لم يحصلا على أية شهادة علمية لأن تعليمهما لم
يتجاوز المرحلة الثانوية، ولأن حب الميكانيكا كان يجري في عروقهم كانت أول رحلة
بطائرتهم سنة 1903 م وقد حلقت على علو 34 متر ولمدة 12 ثانية، كان هذا بعد عدة
تجارب فاشلة لم تحبطهم ولم تحطّ من عزيمتهم، حيث اعتبر ذلك انجازا عظيما في ذلك
الزمن لأن أغلب الناس الّذين من حولهم سخروا من تلك الفكرة، بل قالوا باستحالة
القيام بها، ولكن بعد القيام بالعديد من المحاولات الفاشلة حيث كانت كل تجربة
بالنسبة لهم بمثابة الدّرس الذي يتعلمون منه، فلم
تثنهم هذه المحاولات الفاشلة ولا سخرية المحيطين بهم و لا المثبطين عن مواصلة
تحقيق حلمهم الذي آمنوا به، حتّى وصلا في الأخير إلى هندسة طائرة أحلامهم وتحقيق
هدفهم، ألا وهو أن يتمّ نقل المسافرين والبريد بسرعة أكبر فكانت الطّائرة وهي أسرع
وسيلة نقل اخترعت بالمقارنة عمّا هو موجود وسائد في ذلك الوقت.
كذلك حتى لا ننسى صاحب 1084 براءة اختراع المخترع
توماس أديسون، والمتربع على عرش الابتكارات والاختراعات في العالم، حيث يرجع كل
الفضل لما وصل إليه من شهرة عالمية إلى معلمته التي أصرت على أن يُطرد من المدرسة
باكرا لأنه تلميذ لا يصلح ليكون على مقاعد الدراسة وأنها بذلك ساعدته على التوجه مبكرا
إلى ما يحبه ويعشقه ويرغب فيه، وهو عالم
الاختراعات والابتكار وهناك من يؤكد أنه أثناء اختراعه للفانوس الكهربائي كانت
التجربة رقم 261 هي التي نجحت في اختراعه للفانوس الكهربائي حيث كان أديسون يمتلك
صبرا كبيرا وإصرار على النجاح لا يقهر، حتى أنه لما أرادت إحدى الصحفيات في احدى
المقابلات معه إحراجه ونعته بالفاشل نظرا لهذا الكم الهائل من المحاولات والتجارب الفاشلة
والتي لم تثنه عن مواصلة تجاربه أجاب بطمأنينة وبكل ثقة في النفس أنا لست فاشلا
وإنما تعلمت 260 تجربة لا نستطيع من خلالها أن نحصل على الفانوس الكهربائي ولا تعطينا
نتائج مرجوة مع العلم أن أديسون لا يعتبر التجارب الفاشلة فشلا، وإنما محاولة
لمزيد تعلم أشياء جديدة في الحياة، ولأن هدفه من وراء كل تلك التجارب هو هدف
سامي – هدف نبيل - فهو لم يبال
بعدد تلك التجارب أو التعب الناتج عنها، لأن همه كان النجاح ولا شيء غير النجاح
حتى لو أخذت منه تلك التجارب بقية عمره، فهو يؤمن بأن الذي يسقط ويستطيع النهوض لا
يعتبر فاشلا بل الفاشل هو الذي يسقط ولا ينهض.
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا إذا أعجبك الموضوع..