القائمة الرئيسية

الصفحات

توفر مدونة تكنولوجيا المعلومات أحدث المعلومات المفيدة في عالم التكنولوجيا والصحة والتنمية البشرية ونشر الوعي في العالم العربي بشكل عام..
التنقل السريع

     

    عبقرية ابنك تبدأ من البيت

      لا أحد يستثني دور الأهل في اكتشاف مواهب أطفالهم في سنوات مبكرة من حياتهم، فأهم مدرسة على الاطلاق للطفل في حياته هي العائلة، فهو يتعلم منها الكثير قبل خروجه للمجتمع والبدء في استيعاب كميات كبيرة ومتنوعة من الأفكار، تلك المدرسة - أي العائلة -  يكون فيها الأبوان هما القدوة التي يقتدى بها الطفل فإن كان ولدا فهو يقوم بتقليد جميع حركات وتصرفات والده حتى في حديثه وطريقة جلوسه وتعبيرات وجهه... أمّا إن كانت بنتا فحتما ستقتدي بأمها في جميع ما تقوم به من أعمال، وبالتالي فإن حجم تأثير الأبوين في نفوس الأبناء كبير جدّا.

      التاريخ يزخر بالعديد من قصص العباقرة التي كان فيها الدور البارز للعائلة التي استطاعت اكتشاف تلك العبقرية ورعايتها وتنميتها منذ البداية وما قصة الموسيقار العبقري موزارت إلا واحدة من بين الكثير من القصص الذين كانت بصمة عائلاتهم جلية فيها، فحين لاحظ والد موزارت أن ابنه البالغ من العمر ثلاثة سنوات يحب الموسيقى لحد العشق، كيف تصرف معه وماذا فعل وهو الذي تعلم وتخرج من المدرسة وكان يعمل في مجال الموسيقي هل فرض عليه التعلم والالتحاق بالمدرسة؟ هل أرغم ابنه على التخلي عن موهبته ومواصلة الدراسة؟ 

    على العكس من ذلك فقد بدأ هذا الأب في تعليم ابنه العزف على البيانو واصطحابه وهو في سن الخامسة من عمره في جولة في أوروبا وكان يعزف على البيانو أمام الجمهور وهو في سن صغير ولم يمنعه من أن يظهر شغفه بالموسيقى ولم يفرض عليه الذهاب للمدرسة خوفا من أن تقتل موهبته، بل ظلّ يشجعه وكان يشعر بسعادة لا توصف وهو يستمع لأروع الألحان حين يدخل موزارت لغرفته ويبدأ العزف. كان موزارت موسيقيّا بارعا يمتلك موهبة فذّة يمكن أن تجعل منه موسيقيا نجم عصره، فقد كان يسمع اللحن أو السيمفونية التي يكتبها في عقله قبل أن يخط حرفا واحدا منها على الورق كما كان يتمتع بقدرة فائقة على تخيل ردّة فعل المستمعين وحالتهم النفسية عند سماع موسيقاه. ولولا وجود هذا الأب الواعي والأم الداعمة والمتفهمة لما كان موزارت ذلك الموسيقار الشهير ولما خلد التاريخ اسمه.   

    أمّا قصة العالم ألبرت أينشتاين الذي لم يكن أحدا يتوقع أن تلك البوصلة التي أهداه إياها والده ستكون هي الشيفرة التي استطاعت اخراج ذلك المارد العلمي من داخله، وأن تستحث قدراته ومواهبه على التخيل والابتكار، والسباحة مع الخيال، حتى أنه كان يتخيل نفسه شعاعا من الضوء يسير بسرعة كبيرة. وكان يزور والده في متجره المعد لبيع الآلات الكهربائية ويستغل تلك الفرصة ليفكك تلك الآلات ويعيد تركيبها ويتخيلها بشكل آخر وإمكانيات أخرى. ولما بلغ أينشتاين سن الثانية عشر، أهداه عمه كتابا في الهندسة ويقول أينشتاين بأن ذلك الكتاب هو المحفز لدخوله لعالم الرياضيات والفيزياء وكذلك أهداه أحد أقاربه بعض الكتب للفلاسفة فرويد وكانط تتمحور حول الطبيعة، فأصبح أينشتاين بذلك مهووسا بحبه لعلم الطبيعة والرياضيات. وقد لمع نجمه وبرز تفوقه الدراسي في مادتي الرياضيات والطبيعة التي كان يحصل فيهما على الدرجات النهائية، لكن مدرسيه كانوا يعاملونه على أنه تلميذ عادى أو متوسط... وفي مرحلة الثانوي كان رأي مدرسيه أنه طالب عنيد وجامح باستثناء مدرسه اليوناني الذي كان يدرسه مادة الطبيعة(الفيزياء) الذي نصحه بأن يترك هذه المدرسة التقليدية التي لا تتناسب مع طموحه وقدراته العلمية.  وبعد سنة من ذلك انتقل أينشتاين لمدارس أخرى أين استقر به الأمر بالأكاديمية متعددة الفنون في زيوريخ، والتي قبلته فورا إثر اختبارات أجرتها له في الرياضيات والطبيعة. وبدأ يمارس في هذه الأكاديمية حرية التفكير والإبداع والاختراعات من خلال الامكانيات المتخصصة الموجودة بها، أين أصبح أينشتاين أبرز علماء القرن الماضي من خلال رصيده من الاكتشافات العلمية وصولا إلى نظرية النسبية التي ساعدت وسهلت حياة البشر.

    كما لا يفوتنا أن نخص بالذكر عبقري الاختراعات توماس أديسون ببعض الأسطر والدور المهم الذي لعبته والدته في تربيته وتعليمه. حيث لم يقضي توماس أديسون سوى بعض الأشهر على مقاعد الدراسة وأرسلت معلمته إلى والدته رسالة مفادها أن ابنها لا يستطيع مواصلة التعلم في هذه المدرسة نظرا لغبائه الشديد الذي تميز به وشروده الذهني المتواصل داخل قاعة الدرس، ويقول توماس في مذكراته أنه لما سأل أمه عن محتوى الرسالة أجابته بأن معلمته تحبه وقد قالت بأنه طفل ذكي جدّا ومتفوق على زملائه لذلك لا يستطيع مواصلة التعلم معهم... ولم تشأ هذه الأم أن تكسر أو تجرح شعور ابنها أو تحد من طموحه وآماله بل زرعت فيه الثقة بالنفس وحب التفوق والتميز وتحقق طموحها حيث تحصل ابنها على ما لا يقل عن 1094 براءة اختراع طيلة حياته من بينها اختراع الفانوس الكهربائي الذي أنار به الليل أمام البشرية، ويقول أديسون في مذكراته بأن كل الفضل يعود لأمه التي سهرت على تربيته وتعليمه حتى وصل إلى ما وصل إليه وأيضا لمعلمته التي سارعت في ابعاده عن المدرسة وإصرارها على ذلك ولو واصل أديسون دراسته ربما تخرج معلما أو أي شيء أخر و لم يكن مشهورا كما وصل إليه. 

    التاريخ يزخر بالعديد من قصص العباقرة والعلماء في جميع مجالات الحياة حيث كان دور العائلة هو الأهم والأبرز في اكتشاف تلك المواهب والقدرات الذهنية لأبنائهم والعمل على تنميتها حتى يصبحوا عباقرة زمانهم ولا يستطيع التاريخ التغافل عن سرد قصصهم وكتابة أسمائهم بأحرف من ذهب.

    author-img
    الأستاذ سامي رجايبي متحصل على الماجستير في تكنولوجيا التعليم الرقمي والإرشاد التعليمي من جامعة Hill Creast الأمريكية والأستاذية في الرياضيات من جامعة العلوم بنزرت ومتحصل على رخصة التدريب الدولي ..

    تعليقات